الإنسان بين السعادة والمعاناة
الصحة والسعادة
27 / 8 / 2023
حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها الرئيس عبد الفتاح السيسي
التشافي والتعافي
تخيل أنك في قمة نجاحك، وفي انسجام عائلي، هانئاً بين صغارك وزوجة محبة. فجأة ومن دون سابق إنذار اقتحمت عصابات المافيا بيتك فجرًا، كسروا الباب، ودخلوا غرفة نومك أمام أطفالك. أمسكوا بزوجتك وهددوا بحياتها إن لم تفتح الخزنة. فتحت الخزنة تحت الضرب، ونُقِل رب الأسرة إلى مكان مجهول لحوالي سنة.
تتوفر في هذه الصدمة الشروط الأربعة لحدوث اضطراب عصبي: مفاجئة، ضخمة، عازلة، وشعور الضحية بعدم وجود حل. للصدمات انعكاسات شرطية على مستوى اللاوعي — وفق نظرية بافلوف — وأهم هذه الانعكاسات:
-
عدم إدخار المال في البيت خوفًا من السطو.
-
فقدان الرغبة في المكوث في البيت المرتبط بالجريمة.
-
توتر وقلق عند رؤية أشخاص يشبهون المجرمين.
-
تغيّر دوافع الادخار لدى الأطفال بعد الحادث.
النفس البشرية عظيمة وقادرة على التعافي. مهما بلغت درجة التعذيب، فبإمكان الإنسان أن يعود إلى توازن مع البيئة. التركيز على «الصورة الذهنية الشافية» واستحضار عادات إيجابية وأفكار شافية ومشاعر بديلة يساعد على محو آثار الصدمة.
ثلاثة محاور للتعافي
-
اكتشاف الرسالة والحياة: سِر نحو هدف نبيل، وأقم علاقات أسرية قوية.
-
التركيز على الإمكانات لا المخاوف: تعلم من من تعافوا. من ركز على إمكاناته شُفي؛ ومن غرق في خوفه انهزم.
-
التحول اللغوي والعملي: استبدال الأحاسيس السلبية بأحلام ملهمة وكلمات إيجابية تعمل كمحفز دائم.
صفات الشخصية المتعافية (قُلْب المقال)
1. البطولة والعظمة
الجرح يمكن أن يرفع الروح ويصنع فارسًا بدل حاطب. كل مرحلة انتقالية تمنح قوة للمرحلة التالية. القائد يصنع مؤسسة من النجاح، والبطل يصنعها من المعاناة.
2. السيادة على الذات
أن تكون سيد قرارك ومتحكمًا في انفعالاتك. ضبط الانفعالات يحول الطاقة إلى فعل بنَّاء. الذين لا يتحكمون في انفعالاتهم يفقدون المروءة والاحترام.
3. تحويل الألم إلى طاقة شافية
تحويل الغضب والانفعال إلى عمل إيجابي وإبداعي. الكظم المفيد ثم التحويل إلى نشاط بنّاء (فن، عمل، مشروع) يشفي ويخرج الصدمة من الذات إلى الخارج.
4. تجاوز الصراعات الصغيرة
لا تضخِّم التوافه. تبديد الطاقة في أمور تافهة يجعل الحياة حالة طوارئ دائمة. اسأل نفسك: هل هذا مهم حقًا؟ تخيّل جنازتك، هل سيُذكر هذا الأمر؟
5. العلاج بالعطاء
العطاء يصنع تدفقًا وشفاءً. العطاء المالي، مجاملة، خدمة، إماطة أذى — كلها أدوات شفاء. الصدقة علاج للنفس والجسد كما ورد في نصوصٍ مختلفة.
6. العلاج بالإيمان
الممارسات الروحية والتأمل بنية الشفاء تجلب طاقة شافية. كثير من الأمراض الجسدية لها أبعاد نفسية؛ واليقين والاتصال الروحي يعززان التعافي.
7. الإبداع كعلاج
الانخراط في أنشطة إبداعية يوقف الزمن المؤلم ويمنح شعورًا بالوحدة مع الذات العليا. الإبداع من رحم المعاناة يحتاج إلى: وعي أثناء المعاناة، استخراج معانٍ جديدة، توقف عن الأحكام، واستمطار أفكار ملهمة.
8. الأحزان ممرضة
الحزن المزمن يثير العدوانية ويضعف المناعة. للتخلص منه: عيش اللحظة، توجيه التفكير نحو الإيجابيات، التصريحات الإيجابية، ضبط السلوك والانضباط الأخلاقي، والعمل المبدع.
9. الحب والتشافي الذاتي
الحب الرومانسي والصدق في المودة شفاء قوي. الارتباط والاهتمام المتبادل والألفة فتحتا دروب الشفاء للعديد من المتعافين.
10. اليقظة (الوعي اللحظي)
اليقظة تزيد الكفاءة، الإبداع، الانفتاح، الانتباه والسلوك العقلاني. هي ثمن المحافظة على عقل واعٍ وإيجابي.
11. منظم السعادة
الإنسان يمتلك آلية دفاعية تعيد مستوى السعادة الذي كان عليه قبل الصدمة. أشياء بسيطة تصبح مصدر سعادة عظيمة في ظل الشدائد: حمام دافئ، زيارة أسرة، نوم هانئ، قراءة، رياضة، محادثات ودية، كتابة، إلخ.
النجاح السعيد: بين النجاح والفضل
هل يأتي النجاح من الفشل؟
نعم. النجاح يولد من رحم الفشل والمعاناة. أمثلة عالمية كثيرة: مانديلا، فيكتور فرانكل، وغيرهم. المعاناة تمنح استعدادًا نفسياً يقوّي بعض الناس ويدمّر آخرين. عقدة النقص والتفوق هما وجهان لإثبات الذات.
عناصر النجاح الأساسية (مُلخّص نقاط)
-
النزاهة والأمانة: أساس النجاح الدائم. الابتعاد عن السلوكيات الإدمانية.
-
الحماسة: عرض الخدمة أو المنتج بحماسة وحب.
-
الهدف الواضح: يوفر طاقة ويقلل التشتت؛ الأهداف المكتوبة أقوى.
-
اليقين: يقينك هو محرك تحويل الفكرة إلى واقع.
-
الشجاعة: مخاطرة محسوبة؛ التهور منفّر.
-
التركيز: التفرد في المجال، وتوزيع الاستثمارات لتقليل المخاطر.
-
فهم قوانين المال: ادخار منظم (10%)، استثمار في أصول مضمونة، العطاء، حماية المال.
-
المحاسبة الذاتية: مراجعة دورية للتعلم من الأخطاء.
-
قوة العقل الباطن: برمجة الصور الذهنية والتوكيدات تعمل على تحقيق الأهداف.
-
تقدير الآخرين: مفتاح تأثيرك وولاء فريقك.
-
الإقناع: القدرة على إقناع الآخرين بطريقة تحترمهم.
-
التوجه العقلي الإيجابي: الأساس الذي يجمع كل عناصر النجاح.
-
الإتقان: زيادة الميل الإضافي في العمل.
-
السرعة في اتخاذ القرار: الحسم يولّد احترامًا وثقة.
-
العطاء: تدوير المال وشرط أخلاقي للثروة.
-
الصحة: أساس لنجاح فعّال ومستدام.
-
الارتقاء بمن حولك: مسؤولية القائد والناظر.
-
الحدس: تطوير الحس السادس بالإلهام والتأمل.
-
البحث العلمي: التفكير الدقيق والبحث يساعدان على التفرد وخلق فرص جديدة.
-
شريك الحياة: داعم نفسي ومصدر قوة.
-
الشكـر والامتنان: مفتاح الرضا وزيادة النعم.
-
صناعة الفرص: توسيع الدائرة وتوقع الأفضل.
-
تنويع مصادر الدخل: تقليل المخاطر مع الحفاظ على التركيز في العمل.
-
المثابرة: العمل الدؤوب والعزم المستمر.
-
استثمار لا مضاربة: تفضيل الاستثمارات الدفاعية والطويلة الأجل.
-
الاقتصاد: مقتصد لا مسرف.
-
المبادرة: مصدر أي مشروع ناجح.
-
المؤسسية: تحويل النجاح إلى كيان مستدام أقوى من نجاح فردي.
-
العدالة: النجاح لا يبنى على ظلم الآخرين أو تدمير البيئة.
-
التدرج: ابدأ صغيراً وتدرّج، وابنِ رصيدًا ثابتًا من الادخار والاستثمار.
-
الاستثمار في العقارات: مصدر دخل ثابت وأقرب للحرية المالية.
-
تخلص من الركام: تنظيف العقل والبيئة لفتح مجال للأمور القيمة.
-
الادخار المنظم: عادة 10% ثم استثمارها في أصول مدرة للدخل.
-
حماية الثروة: بوليصات تأمين، خطط تقاعد، والالتزام بالقانون، خاصة في بيئات غير مستقرة.
-
فلسفة الوفرة: الاعتقاد بوجود وفرة في الكون يغيّر سلوكك ويجعل حياتك أكثر رخاء.
خاتمة موجزة
الحياة تمزج بين السعادة والمعاناة. المعاناة ليست عقاباً أبديًا بل مادة خام يمكن تحويلها إلى نجاح روحي ونفسي ومادي. بالوعي، اليقظة، الإيمان، والالتزام بمبادئ العملية العملية (النزاهة، التركيز، العطاء، الادخار، والتدرج) يمكن للإنسان أن يحوّل شظايا الألم إلى منارة نجاح وسعادة دائمة.